بولندا تضيق ذرعا باللاجئين الأوكرانيين

السياسي – أعلنت بولندا على لسان وزير دفاعها فلاديسلاف كوسينياك كاميش، بأن السلطات مستعدة لترحيل الأوكرانيين الملزمين بالخدمة العسكرية من البلاد.

وعبّر الوزير كاميش عن انزعاج مواطنيه من تواجد الأوكران “في الفنادق والمقاهي وهم يسمعون حجم الجهد الذي يتعين علينا بذله لمساعدة أوكرانيا”، فيما أطل وزير الدفاع الليتواني لوريناس كاسسيوناس، هو الآخر بتصريح أشار فيه إلى أن بلاده ستراقب كيفية تصرف بولندا في هذا الشأن لتتخذ هي الأخرى قراراتها الخاصة.

وسجل نحو 1.5 مليون أوكراني طلبا للحماية المؤقتة في بولندا في عام 2022، في حين سافر ملايين آخرون عبر بولندا إلى بلدان أخرى.

وفيما تعاني كييف من نقص عدد قواتها، بدأت بالتلميح الى ضرورة عودة الأوكران لحماية بلادهم، والمشاركة في الحرب الدائرة مع روسيا.

ويقول خبراء إن بولندا قد اتخذت قرارها على ما يبدو بطرد اللاجئين، رغم أن ذلك يتعارض مع قانون الحماية داخل الاتحاد الأوروبي، فيما رأى آخرون بأن هناك اتفاقا ضمنيا مع كييف لتقوية الجبهة التي تمر بأسوأ حالاتها.

جبهة من اللاجئين
وأكد الباحث في الشؤون الأوكرانية أنطون خلينوفسك، أن “كييف هي من طلبت من بعض الدول الأوروبية إعادة فئات من اللاجئين القادرين على القتال للمشاركة في حربها مع روسيا”، مضيفا: “هذا إذا ما تم سيعزز القوات الأوكرانية بأكثر من 200 ألف مقاتل، خصوصا مع انخفاض عدد المقاتلين في الجيش الأوكراني”.

وأوضح أن الوضع على الجبهة وصل إلى حد “فقدان تشكيلات كاملة، كان يجب أن تكون متوفرة للتناوب بين القوات”، لافتا إلى أن هناك مقاتلين لم يروا عائلاتهم لأشهر طويلة، فضلا عن أن المتواجدين في الداخل من المدنيين لا يسدوا الحاجة العسكرية.

وأشار إلى أن “بعض الدول الأوروبية تتجاوب مع مطالب أوكرانيا، مثل بولندا وليتوانيا، لكن ألمانيا والتي تستضيف مثلا أعدادا كبيرة من اللاجئين الأوكران رفضت رفضا قاطعا هذا الأمر”.

وبيّن خلينوفسك أن ما دفع بولندا نحو إقرار ترحيل الأوكران، هو الرغبة الشديدة لدى وارسو لهزيمة موسكو، حتى لو دفعت اللاجئين في بلادها إلى الموت على الجبهة.

وحول قانونية الترحيل قال الباحث إن قوانين الاتحاد الأوروبي، فيما يخص إعادة اللاجئين أو ترحيلهم صارمة نوعا ما، لكن يمكن التلاعب بها بسهولة، حيث يحق لبولندا مثلا إيقاف الامتيازات وحق العمل في بعض القطاعات أو حتى فرض بعض القوانين التي تكون ضاغطة وتدفع اللاجئين للعودة إلى بلادهم.

واستدرك خلينوفسك قائلا: “لكن الضغط على اللاجئين في بولندا ربما لن يدفع الأوكران للعودة إلى بلادهم والالتحاق بالجبهة، بل البحث عن مكان لجوء آخر في القارة الأوروبية الواسعة لحماية أنفسهم من الموت الذي ينتظرهم ربما إذا عادوا إلى بلادهم، وهذه معضلة قد لا تفيد كييف بشيء فيما يخص تعبئتها”.

فائدة بولندية
ويرى الناشط في المجال الإنساني وشؤون اللاجئين ديمتري سامسونوف، بأن مسألة ترحيل اللاجئين من بولندا تحمل أبعادا سياسية، وتعبر عن رغبة وارسو، بانتصار أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، لافتا إلى أن هناك “أبعادا تخص اللاجئين أنفسهم في بولندا وتريد وارسو بحجة الجبهة، إنهاء بعض الأزمات الداخلية التي خلفها تواجد اللاجئين على أراضيها”.
وأوضح بأن بولندا لا تعتبر من الصف الأول أوروبيا، في موضوع الاقتصاد، فضلا عن الأزمات الاجتماعية التي خلفها الأوكران في هذه الدولة، حيث بلغت الجرائم ذروتها في عام 2022 ووصلت لأكثر من 15 ألفا منها الاتجار بالمخدرات والدعارة والقيادة تحت تأثير الكحول وجرائم أخرى متعلقة بالعنف والسرقة.

وأكد بأن أي “موجة هجرة سيكون لها تأثيراتها على الدول المضيفة لكن بولندا لا تملك البنية التحتية ولا القدرة المؤسساتية على ضبط تصرفات اللاجئين، لذلك بدأ الموضوع يزداد سوءا كما بدأت بعض الأوساط السياسية والاجتماعية بالحديث عن ضرورة ضبط ملف اللاجئين والأزمات التي خلفوها”.

وفي السؤال عن الوجهة الأكثر أمانا بالنسبة للاجئين الأوكران في حال تم اتخاذ قرار ترحيلهم أجاب سامسونوف قائلا: “لا شك بأن القرار لن يكون كمرسوم طرد وتجميع الناس المستهدفين وإرسالهم بحافلات إلى دولهم”.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على أي خطوة بولندية تأخذ هذا الطابع، لكن سيكون هناك إنهاء إقامات مجدول وطلبات ترحيل عبر المؤسسات المعنية باللاجئين، مع ضمان حق استئناف أي لاجئ لقرار ترحيله، وهذا يحتاج للكثير من الوقت.

وتوقع بأن تشهد الفترة المقبلة موجة انتقال للاجئين الأوكران من بولندا إلى دول أخرى أكثر أمانا بالنسبة لهم، مرجحا بأن تكون ألمانيا هي الوجهة، إذ ما زالت الأكثر جاذبية بالنسبة للاجئين سواء الأوكرانيين أو غيرهم.

شاهد أيضاً