أعذرني يا أخي وصديقي أيمن عودة فأنا شابّ ثمانينيّ وهن العظم منّي واشتعل الرأس شيبًا، ولا أملكُ عنفوانك وجرأتك ومقدرتيك الجسديّة والسّياسيّة، لذلك أنا مضطّر أن أكون حذرًا في هذه الأيّام الرّماديّة بل القاتمة كي أبقى في هذا الوطن الّذي أحبّه كثيرًا، فلن أسمح لقلمي ذي التّجربة العريضة أن يبقّ الحصوة ويقول الحقيقة علانيّة لهؤلاء النوّاب زملائك الّذين حاكموك في ساحة المدينة ونعتوك بالجبهة الثامنة الّتي لا بدّ من التّعامل معها بخفّة يدّ مثلما تعامل جنرالات اسرائيل مع سبع جبهات من جباليا إلى جنين فالضّاحيّة فالحديدة فطهران… وأعذرني ما عدتُ أعرف أن أعدّ من واحد الى سبعة، فما شاهدته وما سمعته من هؤلاء النوّاب في ساحة المدينة وهم يحاكمونك “طيّر العقل من رأسي” وأنساني أن أسألهم: هل أنتم نوّاب في البرلمان أم نائبات؟
ورحم الله الشّاعر الّذي قال:
أبنت الدّهر عندي كلّ بنتٍ فكيف وصلتِ أنتِ من الزِّحامِ
وأنت تعرف القائل وتحفظ أشعاره عن ظهر قلب وظهر كبد مثلما تحفظ أشعار توفيق زيّاد وناظم حكمت.
ولو يا أبا الطّيب أيمن، ويا أبا الطّيب أحمد، ويا أبا الطّيب عبد الرّحيم؟ ويا ربّ أكثر من الطّيبين والطّيّبات حتّى يفقع الأغبياء.
ما معنى أن تقول يا بنيّ أيمن كلامًا خطيرًا يهدّد أمن الدّولة العظمى ويهدّد وزراء ونوّابًا؟ ما معنى أن تقول “أنا سعيد من أجل تحرّر المختطفين والأسرى. من هنا يجب تحرير الشّعبين من نير الاحتلال لأنّنا كلّنا وُلدنا أحرارًا”؟
أولًّا: ألا تعرف أن السّعادة ممنوعة منعًا باتًّا للعربيّ الّذي يجب أن يكون ويبقى مخوزقًا من رحم أمّه الى لحده؟
ثانيًا: كيف تساوي بين المختطفين وبين الأسرى أي بين أولاد سارة وأولاد هاجر؟ أي بين النّاس الّذين فوق وبين النّاس الّذين تحت التّحت؟
ثالثًا: ماذا تعني بتحرير الشّعبين؟ هل الفلسطينيّون شعب؟ هل هؤلاء العماليق شعب؟ أنسيتَ ما وصفهم به الجنرال رئيس الأركان قبل ثلاثين عامًا؟
رابعًا: كيف تقول بوقاحة “من نير الاحتلال”؟ هل هناك احتلال يا أيمن عودة؟ حقًا إنّك الجبهة الثّامنة. لقد أغضبت النّائب الانسانيّ جدًّا الّذي دعا الى حرق غزّة كي يستريح أهلها كما أزعلتَ النّائب الأخلاقيّ الّذي قال لا أبرياء في قطاع غزّة فجميعهم مجرمون وقتلة ولصوص كما أزعجت النائب العلمانيّ الّذي دعا الى قصف غزّة بقنبلة ذرّيّة بل إنّك سرقت الفرح من النائب البطل الّذي اتّهم أطفال غزّة بأنّهم جلبوا الدّمار الى أنفسهم؟
أنتَ يا عودة تستحق الرّجم في ساحة المدينة. ويجب إعادة الحكم العسكريّ على العرب في إسرائيل كي يفهموا أين يعيشون وكيف يعيشون.
يجب تخويفهم وارهابهم كي يبقوا خدمًا وحطّابين وسقاة ماء ورعاة أبقار وأغنام.
أعذرني يا أبا الطّيب لأنّني لا أقول لهؤلاء النّوّاب المحترمين بأنّهم أغبياء وفاشيّون لأنّني يجب أن أكون حذرًا. وأعذرني أيضًا لأنّني لا أقول لهؤلاء المحترمين أنّ عواءهم لا يخيفنا والعواء كما تعلم هو صوت الذّئب.
أنا رجل شابّ ثمانينيّ ولا أريد أن يغضب منّي من فقد انسانيّته ومن فقد عقله، وأمّا أنت يا أبا الطّيب فقل ما تؤمن به فأنت لا تخاف. أبدًا لن تخاف. فالكثيرون معك. الطّيّب وأسيل وشام معك، وعادل وفاطمة ورضا الوالدين معك، وأحمد وحنّا وسلمان معك، والزّعتر ونوّار اللّوز وعبير البرتقال معك، والزّيتون والصّبار والسّنديان معك. ومعك أيضًا اليهود العقلانيّون الّذين جاءوا من غلاف غزّة حتّى الخالصة الى بيت العزاء في طمرة كي يقولوا لآل الخطيب وآل أبي الهيجاء وآل ذياب وجميع العرب في هذه البلاد نحن معكم، نعيش معًا ونبقى معًا والحاضر والغدّ لنا معًا، ولسنا من هؤلاء الهمج الّذين رقصوا على حزنكم… وفلفل حارّ في … في جميع العنصريّين. لن أقول….. فأنا شابٌّ ثمانينيّ، لساني نظيف، وقلمي نظيف.