على بالي

أسعد أبو خليل

ستتوالى المرثيّات عن جيمي كارتر من المواقع المؤيّدة للحقّ الفلسطيني. لكنّ سِجلَّ الرجل في الرئاسة من أشنع السجلّات؛ لأنّه نجحَ في:
١) فصل مصر عن الموقف العربي بالكامل.
٢) تكريس المال والسلاح الأميركيَّين لدعم نظام الطغيان المصري وترسيخه لحماية اتفاقية السلام مع إسرائيل.
٣) ترسيخ فكرة أنّ السلام بين الدول العربية وإسرائيل يجب أن ينفصل عن القضيّة الفلسطينيّة، وهذا تماماً ما رفَضه عبد الناصر عندما أصرّ على السلام «العادل والشامل». مستشار كارتر لشؤون الأمن القومي، زبغنيو بريجنسكي، كان يعرف بيروت وكان يلتقي فيها مع وليد الخالدي الذي أثّر عليه في التوقيع على «وثيقة بروكنغز» في 1975، وفيها اعتراف بحقّ تقرير المصير للشعب الفلسطيني (التقرير يجعل من الاعتراف مشروطاً بقبول الشعب الفلسطيني لسيادة إسرائيل). لكنّ برجنسكي تغيّر بمجرّد أن دخل البيت الأبيض: طلب وليد الخالدي موعداً للقائه ولكنّه رفض. طلب الخالدي موعداً من مساعده، ويليام كوانت (وكان من الموقّعين على وثيقة «بروكنغز») فقبِل الأخير. توجّه الخالدي إلى البيت الأبيض فلم يُسمح له بالدخول، فكان أنِ التقيا خارج البيت الأبيض (سمعتُ القصّة من الخالدي وأذِن لي بنشرها). كان كارتر شديد الحساسيّة نحو اللّوبي الإسرائيلي، خصوصاً عندما بدأ حملته الانتخابيّة للتجديد. تعرّض للنقد من عُمدة نيويورك، الصهيوني إد كوتش وغيره من عُتاة الصهاينة؛ لأنّهم ارتابوا من قُربه من السادات (قبل أن يعلموا كم أنّ السادات كان هِبة مصر للحركة الصهيونية العالميّة). بعد ترْكه البيت الأبيض، شعر كارتر بالذنب وجاهر بالدعوة إلى احترام الحقوق الفلسطينية والاعتراف بدولة فلسطينية. وقبل أن تُفتي منظّمات حقوق الإنسان الغربيّة متأخّرةً جدّاً (في السنتَيْن الأخيرتَيْن فقط) بأنّ إسرائيل هي دولة أبرثايد، كتبَ كارتر في 2006 كتاباً صنّف فيه إسرائيل دولة أبرثايد (لكنْ عندما تعرّض لنقد شديد أوضح أنّه يعني الضفّة والقطاع فقط). لكنْ لم يستطع كارتر التكفير عن ذنوبه بالنسبة إلى العرب؛ لأنّ كامب ديفيد كانت أكبر ضربة للعمل العربي المشترك ضدّ إسرائيل. كارتر أخرج مصر من الصراع وأتاح لإسرائيل شنّ الحروب ضدّ باقي العرب.

الاخبار اللبنانية

شاهد أيضاً