نشوة الكيان التي أضاعت الحقيقة

فخري هاشم السيد رجب

خرجت إيران وكذلك دولة الاحتلال عن قواعد الاشتباك، حيث التهديد الإيراني نُفذ، ولكن التداعيات ربما لم تكن وفق ما توقعه الإيراني وغيره وخاصة على المستوى الإعلامي الذي تبنى آراء متناقضة مختلفة كالعادة، فمن متهم لإيران بأنها نفذت اتفاقا ما مع جهة عظمى (الولايات المتحدة الأمريكية)، ومن متشدد يرى في دولة إيران فقط البلد الفارسي غير المأمون الجانب، ومن مندهش ومستغرب للآلية التي تمت بها عملية الرد. ولكن الجديد الآن هو رد الفعل لدولة الكيان المحتل والذي يجعلنا نطرح سؤالاً ربما يراود الجميع، وهو كيف سيكون المشهد إن نفذت دولة الكيان تهديداتها بضرب إيران؟ وهل تمتلك الأسلحة التي تمكنها من تدمير المنشآت النووية الإيرانية؟ وفي حال نشوب حرب كيف ستتعامل إيران وما أدوات المواجهة التي تملكها؟
اذا ما كانت دولة الاحتلال جادة في تهديدها فإن الخيارات أمامها متعددة، وأولها سيكون من سماء سوريا والعراق باتجاه إيران، علما أن هذه الأراضي تتركز فيها أنظمة مكثفة للدفاع الروسي والأمريكي على حد سواء. أما الخيار الثاني فهو المرور والتحليق جنوبب الأردن باتجاه البحر الميت؛ لكنه طريق طويل وقد يعقِّد المهمة، وهو بالمناسبة نفس الطريق الذي سلكته دولة الكيان حين ضربت المفاعل النووي العراقي عام ١٩٩١.

أما الاحتمال أو الخيار الأخير فهو التحليق المباشر فوق الأردن والعراق لكنه يتطلب تفادي دفاعات جوية لدول عديدة.

والمهمة معقدة للغاية فتدمير المنشآت النووية الإيرانية ليس عنواناً لبرنامج تلفزيوني، بل عنوان لتغيير العالم برمته، ووفق ما يقال فإن دولة الكيان قد جهزت طائرات إف ٣٥ استعداداً لأي ضربة.

وإيران تدرك جيداً أن المواجهة مع دولة الاحتلال قد تصبح أمراً واقعياً لذلك جهزت أكثر من عشرين نوعاً من الصواريخ البالستية والتي يتراوح مداها بين ٨٠٠ و١٨٠٠ كم. وذلك كذراع استراتيجية قادرة على مهاجمة دولة الكيان المحتل.

يبدو أن دولة الكيان تعيش اليوم نشوة التصدي للمسيرات الإيرانية بمساعدة الحلفاء الذين ساعدوها.

قانوناً ومنطقياً إن ما قامت به إيران حق مشروع ودفاع عن النفس وفق ميثاق الأمم المتحدة ووفق المادة ٥١، كون الرد جاء بعد إمعان سلطات الاحتلال في جرائمها. ولكن، هل كان هذا هو المأمول من هذه الضربة؟ ولماذا أبلغت إيران الجميع مسبقاً. فاستعدت دولة الكيان وأقفلت مجالها الجوي ومنعت سحب الأموال بل حتى أنها أمَّنت مصادر آمنة للمواد الغذائية، وكذلك حاولت لاحقا إخفاء خسائرها، والنتيجة الواضحة الآن هي رد الاعتبار لنتانياهو ومنحه فرصة من ذهب، وربما أصبحت قضية القطاع اليوم في الخلف، وكذلك زاد اطمئنان دولة الكيان، وقد كثرت التعليقات بأن ما حصل ليس أكثر من «مسرحية».

 

فخري هاشم السيد رجب

 

شاهد أيضاً