ذكرى الانتصار على النازية ال79

عمر حلمي الغول

تحل اليوم الخميس الذكرى ال79 للانتصار على النازية الألمانية الهتلرية والفاشية الفراكونية الإيطالية في الحرب العالمية الثانية 1939/1945، حيث يصادف اليوم 216 من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية نازيي العصر في الالفية الثالثة على الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، التي لا شبه بتاتا بينها، فالحرب العالمية الثانية كانت صراعا بين الأقطاب العالمية على تقاسم النفوذ في العالم، في حين أن الحرب الدائرة على الشعب العربي الفلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023، هي حرب عالمية قادتها الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب الرأسمالي واداتهم اللقيطة إسرائيل لتحقيق أكثر من هدف منها: أولا حماية إسرائيل وتعزيز مكانتها في الوطن العربي والاقليم الشرق اوسطي الكبير؛ ثانيا تصفية القضية الفلسطينية والمشروع الوطني، وتوسيع وتعميق النفوذ الإسرائيلي على فلسطين التاريخية من البحر الى النهر؛ ثالثا تكريس النفوذ الأميركي والغربي الامبريالي عموما في الإقليم، استباقا للتطورات والانزياحات العالمية الجارية لتبلور نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب؛ رابعا الالتفاف على المشروع الصيني الحزام والطريق، او طريق الحرير القديم الجديد بالممر الأميركي من الهند مرورا بالوطن العربي وصولا لإسرائيل في ظل احتدام الصراع بين الأقطاب الدولية القديمة والجديدة لمحاصرة النفوذ الصيني والروسي، وغيرها.
والشبه الوحيد بين الحربين ينحصر في عنوان واحد، هو الصراع على تقاسم النفوذ في العالم، والذي يتخذ حتى الان شكل الحروب الإقليمية بالوكالة عن سادة الغرب الاستعماري، ومنها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وحرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، التي قادها زعماء الولايات المتحدة الأميركية وحلفائهم في الغرب واداتهم إسرائيل، وحروب اميركا وادواتها في سوريا وليبيا والسودان والصومال والعراق واليمن، وكانت سبقتها الحرب في أفغانستان، التي انتهت عمليا في 2019، وأيضا هناك الحرب التي لم تنفجر في تايوان الصينية، ولكن يجري تسخينها لفرض النفوذ الأميركي الغربي في جنوب شرق اسيا عموما، وتحديدا في الخاصرة الصينية الضعيفة، وقد تفتح جبهات إقليمية أخرى قبل الانفجار بين الأقطاب المتصارعة.
ورغم اختلال موازين القوى الهائلة لصالح التحالف الأميركي الغربي الامبريالي الإسرائيلي، الا ان استمرار حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني الضعيف، والذي لا يملك سوى إرادة الحياة والبقاء والدفاع عن المشروع الوطني المنسجم مع قرارات الشرعية الدولية، يؤكد أن التحالف الغربي وتل ابيب بقيادة واشنطن لم ينتصر، وواجه ويواجه تحديات صعبة في تحقيق مآربه الاستراتيجية، والانتصار الوحيد الذي تحقق حتى الان، هو الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، حيث سقط نحو 35 الف شهيد، وما يزيد عن 78 الف جريح، وما يفوق ال10 الاف مفقود، وتدمير مئات الالاف من الوحدات السكنية والمدارس والجامعات وأماكن العبادة المسيحية والإسلامية وإخراج غالبية المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل، وتدمير البنى التحتية، والفتك بالشعب قتلا وتجويعا ونشر الامراض والاوبئة في اوساطه، وحرمانه من ابسط مقومات الحياة، من الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية والمياه الصالحة للشرب والكهرباء والوقود والاتصالات.
واي كانت نتائج حرب الإبادة والأرض المحروقة في فلسطين، التي تشكل بروفة متقدمة لتوسيعها في الأقطار العربية وفق خطة واشنطن وتل ابيب والغرب عموما في سوريا وليبيا واليمن والسودان ولبنان، فإن الشعب الفلسطيني استطاع، رغم حومة الإبادة والموت والحصار والتجويع والامراض أن يكسب الرأي العام العالمي ببعديه الرسمي والشعبي، ولعل ثورة الطلاب في الجامعات الأميركية والأوروبية والكندية والاسترالية وغيرها، وانحياز الغالبية العظمى من دول العالم لصالح عدالة قضيته، ورفضها حرب الإبادة القذرة والوحشية، وادراك الرأي العام الأميركي والاوروبي لحقيقة السردية الفلسطينية العادلة، وانكشاف ظهر الرواية الإسرائيلية الزائفة والكاذبة، والانتصار لفلسطين، يعتبر أحد اهم إنجازات الشعب الفلسطيني الصغير والضعيف، والذي سيكون لها تداعيات هامة لصالح القضية الفلسطينية، منها زيادة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ورفع مكانتها في الأمم المتحدة عبر بوابة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأيضا رغم تأخر صدور قرارات محكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنائية الدولية، الا ان وقائع حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني ستفرض نفسها على قضاة المحكمتين الدوليتين بالنتيجة النهائية.
إذاً مع حلول الذكرى ال79 للانتصار على النازية الألمانية والفاشية الإيطالية، التي كان يفترض ان ينال الشعب الفلسطيني استقلاله في اعقابها العام 1948، الا ان تغول الغرب بقيادة واشنطن حال دون ذلك على مدار العقود الماضية. ومع ذلك، ورغم تأخر عجلة التاريخ فإن الشعب العربي الفلسطيني المنكوب بحرب الإبادة الجماعية سيحقق أهدافه الوطنية والانتصار على نازيي العصر الحديث بدعم من شعوب الأرض وخاصة شعب الولايات المتحدة وشعوب أوروبا وبعض دول الاتحاد الأوروبي ودول وشعوب اميركا اللاتينية وافريقيا واسيا وأستراليا، وان غدِ لناظره قريب.

شاهد أيضاً