السياسي – منذ أكثر من أسبوعين، توقفت الفصائل العراقية المنضوية ضمن ما يعرف بـ”المقاومة الإسلامية في العراق”، عن إصدار البيانات المتعلقة في شن هجمات على الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعدما كانت تسجل نحو 25 هجوما في الأسبوع الواحد.
وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كان آخر بيان أصدرته “المقاومة الإسلامية في العراق”، أعلنت فيه شن هجوم بواسطة الطيران المسيّر، استهدف جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع توقف العمليات التي مضى عليها أكثر من أسبوعين، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية في 8 كانون الثاني الجاري، أنهم نفذوا عملية ضد هدف حيوي جنوبي فلسطين المحتلة، بالاشتراك مع المقاومة في العراق، دون كشف مزيد من التفاصيل.
-استشعار الخطر
وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز “التفكير السياسي” العراقي، إحسان الشمري؛ إن “توقف هذه الهجمات يعود إلى العديد من الفواعل والأسباب، منها طبيعة التلويح الإسرائيلي بوجود ضربات تطال قادة ومقرات ومخازن الأسلحة لهذه الفصائل”.
وأوضح الشمري أن “هذا التلويح الإسرائيلي، شكل خطرا كبيرا جدّا عند هذه الفصائل المسلحة في العراق، ما دفعها إلى التخفيف من الهجمات”، مؤكدا في الوقت نفسه، أن “طبيعة اغتيال حسن نصر الله وقادة حزب الله اللبناني، كانت مؤثرة بشكل كبير”.
وأشار الخبير العراقي إلى ضغوط أمريكية مورست على رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني لإيقاف الهجمات، خصوصا أن هذه الحكومة التي يرأسها الأخير، سُميت عند تشكيلها بـ”حكومة المقاومة”، لذلك يبدو أن هناك استجابة لحكومتهم والتزام إلى حدّ ما بتوجيهاتها.
ونوه الشمري إلى أن “سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وقبلها الذهاب إلى اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما بين حزب الله اللبناني والجانب الإسرائيلي، ساهم بشكل كبير في توقف الهجمات التي كانت تشنها الفصائل المسلحة العراقية على إسرائيل”.
وبحسب الخبير العراقي، فإنه “بغض النظر عن طبيعة السيناريوهات، فإن العراق هو من ضمن الجغرافيات التي قد تشهد تحولات في منطقة الشرق الأوسط”.
وبيّن الشمري أن “اندفاع العراق من خلال الفصائل المسلحة نحو شن هجمات ضد إسرائيل، ثم تلويح الأخيرة بقرار دولي لإدانة هذه الاستهدافات، ومجيء ترامب المعبأ ضد إيران والفصائل المسلحة، هو ما دفع الفصائل إلى أخذ مسار وقف الهجمات”.
مع سقوط نظام بشار الأسد، في 8 كانون الثاني/ ديسمبر الجاري، اتهم محمد التميمي الأمين العام لفصيل “فيلق الوعد الصادق” المنضوي ضمن “المقاومة الإسلامية في العراق”، إيران بخذلان “محور المقاومة”، وأنها تخلت عن حلفائها، وأن “محور المقاومة” بدأ انهياره قبل أربعة أعوام.
وكتب التميمي تدوينة على موقع “إكس”، قال فيها؛ إن “الشرق الأوسط الجديد لم يبدأ بسقوط بشار الأسد، ولم تكن الليلة الماضية هي ليلة النهاية لمحور المقاومة، بل كانت في شهر كانون الثاني قبل أربعة أعوام، عندما استهدفت أمريكا قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في بغداد، ولم تحرك إيران ولا العراق أي ساكن”.
وتابع: “وما طوفان الأقصى إلا رد فعل لبث الروح فيكم، لكن التخادم والتخاذل من إيران التي تخلت عن حلفائها، جعل فصائل المقاومة تفقد الأمل، ليقاتل حزب الله الكيان وأمريكا وحيدا، ونفقد نصر الله.. وتبقى حماس وحزب الله منفردين في الساحة لمواجهة مصيرا مجهولا”.
رسالة أمريكية
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، أحمد العلواني، إن “سبب توقف الفصائل عن شن الهجمات، يعود إلى رسالة السفيرة الأمريكية في بغداد ألينا رومانوسكي الموجهة إلى رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ووزير الخارجية فؤاد حسين”.
وأضاف العلواني، أن “الرسالة الأمريكية، أكدت فيها السفيرة أن واجب حكومة العراق هو إيقاف هجمات الفصائل المرتبطة بالأحزاب والتيارات السياسية العراقية، وأكدت أنه في حال عجز الحكومة عن ذلك، فإن التحالف الدولي سيتدخل لإيقاف هذه الهجمات”.
وأشار إلى أن “الرسالة تفسر وجود اللواء كيفين ليهي، قائد عمليات (العزم الصلب)، في بغداد، وأن مهمته تتمثل في مراقبة العمليات العسكرية لدحر تنظيم الدولة ومنع عبوره إلى الأراضي العراقية”.
وأردف: “إضافة إلى ذلك، يقوم اللواء كيفين بمراقبة نشاط الفصائل المسلحة العراقية التي تعمل تحت إدارة فيلق القدس، والمرتبط مباشرة بالحرس الثوري الإيراني”.
وبحسب العلواني، فإن “الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ومعها دول التحالف، تمكنت من تفكيك نشاط ما يسمى محور المقاومة الممتد من طهران إلى بيروت، وتمكنوا في فصل الساحات عسكريّا وسياسيّا”.
ورأى المحلل الأمني والسياسي العراقي، أن “سقوط نظام الأسد سيشكل ضربة قاصمة للفصائل المسلحة المرتبطة بإيران في العراق وسوريا ولبنان. لذلك، لم تُسجل أي هجمات خلال هذه الفترة”.
وخلص العلوني إلى “المنطقة تشهد حاليّا نشاطا عسكريّا وسياسيّا، يستهدف إنهاء سيطرة (محور المقاومة) على المشهد الأمني والسياسي في الشرق الأوسط. المستقبل القريب سيحمل تغيرات سياسية جذرية، بعد أن شهدنا بالفعل تغيرات أمنية ملحوظة”.
وبحسب معلومات الخبير الأمني العراقي، فإنه “ما زالت هناك تطورات إضافية تخص العراق واليمن في المستقبل القريب”.
وفي 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، صدر بيان عن “تنسيقية الفصائل العراقية” التي تضم العديد من الحركات المسلحة، منها: “النجباء، سيد الشهداء، أولياء الله الأوفياء”، أكدت بالإجماع مواصلة نصرة قطاع غزة، رغم وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
ونفت “تنسيقية الفصائل العراقية” في البيان انهيار استراتيجية وحدة الساحات، التي اعتمدها ما يسمى “محور المقاومة” في المنطقة، ردا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ومنذ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، عندما بدأت المقاومة الإسلامية في العراق تنفيذ هجمات ضد إسرائيل، تحملت المسؤولية عن 316 هجوما ضد إسرائيل، 94 منها وصلت إلى الأراضي الإسرائيلية.