منذ أيام قليلة عاد لصعود سدة الحكم في البيت الأبيض، تحديدا قبل 11 يوما، ورغم انه ادعا “رغبته بصناعة السلام” و”وقف الحروب” المشتعلة في أوروبا وعلى الأرض الفلسطينية التاريخية بين إسرائيل اللقيطة والنازية والشعب العربي الفلسطيني عموما، وابنائه في قطاع غزة، ثم وسع نطاقها على الشعوب العربية الشقيقة في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وغيرها من دول الاقليم، الا ان الحقيقة أكدت للوهلة الأولى، أن توليه الحكم مجددا في أكبر دولة، الولايات المتحدة الأميركية كشفت العكس تماما، وهذا ما تضمنه خطاب التنصيب في 20 كانون ثاني / يناير الماضي، وما سبقه وما تلاه من مواقف عدائية ضد شعوب العالم المختلفة، ومنها: اولا تصعيد الحرب الاقتصادية ضد الصين والهند وكندا والمكسيك والبرازيل؛ ثانيا تهديد دول البريكس في حال أصدرت عملة نقدية موازية ومنافسة للدولار الأميركي بعظائم الأمور؛ ثالثا الإعلان صراحة عن إصراره على ضم كندا والمكسيك وبنما والدومينيكان وغيرها من الدول المجاورة؛ رابعا مطالبة دول حلف الناتو وخاصة دول الاتحاد الأوروبي برفع نسبة المساهمة في ميزانية الحلف، فضلا عن الحرب على شركاتها الرأسمالية متعددة الجنسيات؛ خامسا فرض الاستثمار بمئات المليارات من الدولارات الأميركية على دول الخليج العربي، والتي لم تكن في وارد برامجها الحكومية، ولا علاقة لها بخططها؛ سادسا الحرب المعلنة على الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه السياسية والقانونية، والاعلان عن التهجير القسري لأبناء الشعب عموما ومن قطاع غزة خصوصا الى المنافي بذرائع مختلفة؛ سابعا الاملاء الفاجر والوقح والاستعلائي النازي على الشقيقتين مصر والأردن باستقبال المهاجرين الفلسطينيين، متوعدا ضمنا باستخدام العصا الغليظة ضدهما في حال رفضتا الامر؛ ثامنا إعلاء ودعم مكانة دولة إسرائيل الخارجة على القانون في الإقليم وعلى حساب مصالح الدول المختلفة وخاصة الأرض العربية الفلسطينية والاردنية والمصرية والعراقية والسعودية.
هذه بعض ملامح سياسة دونالد ترمب المعلنة خارجيا، فضلا عن حروب على المنظمات والاتفاقيات الدولية، منها الانسحاب من اتفاقية المناخ، ومنظمة الصحة العالمية واليونيسكو ومجلس حقوق الانسان لاحقا، وأيضا جروب الداخل على المهاجرين، والطبقات المتوسطة والصغيرة، وعلى نظام التأمين الصحي، وإعلاء شأن العنصرية البيضاء المنفلتة من كل عقال ضد السود والملونين، وضد التعليم والديمقراطية وحرية الرأي .. الخ
كل ما تقدم يؤكد للقاصي والداني، ان العالم ماض بخطى حثيثة نحو حرب عالمية ثالثة محققة، ان لم يعزل الرئيس ال47، او يوضع له حدا لوقف غطرسته ونزوعه العنصري والنازي. لأنه لا يوجد بند واحد من بنود سياسته الخارجية او الداخلية يوحي بالرغبة بصناعة السلام، الا بالشعار الفارغ المضمون والكاذب. ومن يعتقد غير ذلك، يكون واهما، ولا يعي معادلات الصراع الناجمة عن مضامين البنود المختلفة، وجميعها عبارة عن قنابل متفجرة مجرد اشعال أحد فتائلها. خاصة وان العالم يسير شاء ترمب ام ابى، نحو عالم متعدد الأقطاب، والولايات المتحدة لم تعد قادرة ولا مؤهلة لوقف عجلة الانزياحات العالمية. لهذا في حال ظل ممسكا بمقاليد الأمور في واشنطن، وبقيت شنطة السلاح النووي تحت يديه، فلن يتوانى عن تفجير قنابل البارود المتعددة، او بعضها.
وساتوقف في عجالة، أمام فرض التهجير القسري على أبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، ومحاولة الاستقواء على الشقيقتين مصر والأردن بنفوذه السياسي والأمني والاقتصادي وديونه المتوجبة على الدولتين، او عبر قواعده العسكرية المنتشرة في المنطقة، والذي تمثل بتصريحه يوم الخميس 30 يناير الماضي، عندما رد على أسئلة الصحفيين في البيت الأبيض بشأن القضايا الراهنة.
وقبل كل شيء، اود التأكيد على الاتي: ان ما لم تتمكن دولتكم الأميركية وحلفائها من دول الغرب الرأسمالي ودولة إسرائيل النازية من تحقيقه بالحرب على مدار نحو 500 يوم، ورغم الإبادة الجماعية والتدمير الهائل لمعالم الحياة في قطاع غزة والمتواصلة الان في الضفة الفلسطينية بأشكال وأساليب دموية، لن تتمكن أيها الأميركي البشع من تحقيقه بإملاءاتك وغطرستك ونرجسيتك، رغم أدراك الشعب الفلسطيني انكم تقفون على رأس الإمبراطورية الأميركية، مع انه لا يملك سوى إرادة الايمان والدفاع المشروع عن حقوقه الوطنية. لأنه جربكم، واكتشف هزال قوتكم، كما انكم لن تستطيعوا استخدام القنابل النووية ضد أبناء الشعب، وحتى قنابلكم النووية التكتيكية لن تفت في عضده، وبالتالي أعفيك وانصحك من محاولة تجريب حظك، لأنه عاثر اسوة بالبطة الأميركية العرجاء الممثلة بسلفك بايدن.
كما ان توجه أبناء الشعب المصري الشقيق الى معبر رفح أمس الجمعة 31 يناير دليل على ان الشعب العربي المصري وقيادته السياسية في خندق واحد، ولن يقبلوا بالتشارك معكم في مؤامرة التوطين والتهجير، التي رفضوها منذ نكبة العام 1948. كما ان محاولة املاءاتكم على الرئيس السيسي لقبول تهجير الاشقاء من فلسطين للأراضي المصرية، هي أسوأ وأخطر خطوة قد يفكر أن يقدم عليها مطلق حاكم. لأنها تحمل في ثناياها الانتحار للنضام السياسي.
ونفس الامر سيكون على نظام الملك عبد الله الثاني في المملكة الأردنية الهاشمية، رغم وجود وحدات سكنية فارغة في الأرزق، الا أن اية خطوة من هذا القبيل لتهجير الشعب الفلسطيني، فمآلها واحد، وعنوانها واحد، العبث بمصير النظام والدولة الأردنية، بالتالي إن كنت معنيا بحماية حلفاء الولايات المتحدة من الدول العربية، عليك أن تكف عن سياسة العربدة والمجون السياسي، وتندفع بقوة لبناء ركائز خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، واستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وانسحاب إسرائيل الكامل من أراضيها، ليعم السلام والتعايش وينزع فتيل البارود والابادة. مؤكد ان القرار لك، إن بقيت أسير اقرانك الصهاينة في الإدارة الحالية، وتابعا للمثيولوجيا والاساطير اللاهوتية فمصير المنطقة والعالم على كف عفريت.