رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس المقدسية

تسارعت وتيرة التطورات الدبلوماسية يوم امس في عدة محاور ، جميعها تصب في نهاية المطاف بمحور العدوان البري المحتمل على رفح ومحاولات تجميده بضغوطات مصرية كبيرة ، ويمر ذلك فقط بصفقة تبادل عاجلة وسريعة قد توافق عليها حماس لإنقاذ القطاع من حرب كارثية مدمرة ، ستزيد الأمور تعقيدا وتفرض على مدنيي غزة حرب ابادة وتجويع اخرى ، بفصول قاسية وظروف صعبة لا يحتملوها على الإطلاق ..

 

 

تعتمد صفقة التبادل على موافقة حماس التي أشارت إلى تفاصيلها الأسبوع الماضي واهمها انه لم يعد بمقدورها توفير ٤٠ محتجزا ممن تنطبق عليهم معايير المرحلة الاولى من مجندات وقاصرين ومرضى ، لان عددا منهم لم يعد على قيد الحياة ، وانها جاهزة في المرحلة الاولى للافراج عن ٢٠ رهينة ، وبعد نقل معلومات استخباراتية دقيقة للكابينيت السياسي والامني وكابينيت الحرب من قبل فريق التفاوض الاسرائيلي ، صرح مصدر مسؤول امس ان اسرائيل قد توافق على نقاش الموضوع مع منح فريق التفاوض الذي سيجتمع مع وفد مصري اليوم الجمعة في تل ابيب صلاحيات اوسع للوصول إلى الصفقة ، مع الإفراج عن عدد من اصحاب المحكوميات العالية من السجناء الفلسطينيين وعودة النازحين دون شروط إلى شمال القطاع بعد انسحاب وحدة ( الناحال) امس من محور نتساريم وهذا مؤشر قد يعطي انطباعاً جيدا ..

كثيرة التطورات التي حصلت يوم امس واهمها ان الولايات المتحدة وسبع عشرة دولة وجهت دعوة مشتركة لحماس ، لاول مرة منذ بداية الحرب بضرورة الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين ، في الوقت الذي رحب فيه خليل الحية القيادي في حماس بالتصريحات الاميركية لاول مرة حيث اعتبرها ايجابية الأمر الذي يرمز إلى وجود تقدم في هذا الملف ، مع التاكيد على ان التصريحات التي قدمها الحية لوكالة أسوشيتدبرس حول استعداد حماس لهدنة مدتها خمس سنوات أو أكثر مع إسرائيل، ويمكن أن تلقي أسلحتها وتتحول إلى حزب سياسي في حال تم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود 1967، ورغبة حماس الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لتشكيل حكومة موحدة لغزة والضفة الغربية، واستعدادها للقبول “بدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة في الضفة الغربية (بما فيها القدس) وقطاع غزة وعودة اللاجئين الفلسطينيين وفقًا للقرارات الدولية”، فان هذه التصريحات وان كان مداها بعيدا أشاعت اجواء من التفاؤل في الأروقة الدبلوماسية ..

من وراء الكواليس تبدو النقاشات جادة لتجميد عملية رفح والتوجه نحو صفقة تبادل ، ولكن على المقلب الاخر فان التصريحات الاسرائيلية بان الجيش اعد خطة الهجوم على رفح ، وانه ينتظر فقط قرار المستوى السياسي للتنفيذ ، تجعل من المسألة جدية مع امكانية الاخد بعين الاعتبار انها قد تكون تصريحات ذكية لممارسة مزيد من الضغوطات على حماس ..

ايا كانت هذه التصريحات والمغازي والألغاز التي تحملها ، إلا اننا نعتقد ان حربا على رفح قد تفتح جبهة جنوب لبنان ايضا،وهو ما اشارت له وسائل اعلام اسرائيلية يوم امس، وبالتالي تدخل المنطقة في دوامة صراع كبير حتى نهاية الصيف القادم ، وهو امر لا تريده مصر والولايات المتحدة ومن هنا فان الثقل الكبير سيكون اليوم بالتركيز على امكانية انجاح المسار الدبلوماسي وإنجاب صفقة تبادل تنقذ المنطقة من حرب كارثية ..فهل تنجح الدبلوماسية اخيرا بإخماد نيران الحرب ولو مؤقتا ؟

شاهد أيضاً