السياسي – من المتوقع أن تواجه الشركات الإسرائيلية تداعيات حرب الإبادة المستمرة منذ 10 أشهر على قطاع غزة حتى نهاية العام على الأقل، حيث قد تشهد دولة الاحتلال إغلاق ما يصل إلى 60 ألف شركة في عام 2024.
وبحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل”، يأتي هذا التوقع القاتم في الوقت الذي أغلقت فيه 46 ألف شركة أبوابها تضرر العديد منها بسبب بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وتكاليف التمويل الأكثر تكلفة، ونقص القوى العاملة، والانخفاض الحاد في حجم الأعمال والعمليات، وانقطاع الإمدادات والخدمات اللوجستية، وعدم كفاية المساعدات الحكومية.
وبالمقارنة، اضطر ما يقرب من 76 ألف شركة إلى الإغلاق خلال جائحة فيروس كورونا في عام 2020، بينما في عام عادي روتيني، تغلق حوالي 40 ألف شركة أبوابها سنويًا.
-واقع اقتصادي معقد..
صرح الرئيس التنفيذي لشركة معلومات الأعمال (كوفاس بي دي آي- CofaceBDI ) “يوئيل أمير” بأنه “لا يوجد قطاع اقتصادي محصن ضد تداعيات الحرب الدائرة. وتتعامل الشركات مع واقع معقد للغاية: الخوف من تصعيد الحرب إلى جانب عدم اليقين بشأن موعد انتهاء الحرب”.
وأشار أمير إلى التحديات المستمرة في (إسرائيل) مثل نقص الموظفين وانخفاض الطلب واحتياجات التمويل المتزايدة وزيادة تكاليف المشتريات والقضايا اللوجستية، ومؤخراً حظر التصدير من قبل تركيا، كل هذا يجعل من الصعب على الشركات الإسرائيلية البقاء على قيد الحياة في هذه الفترة.
وأضاف أمير أن حوالي 77 في المائة من الشركات التي اضطرت إلى الإغلاق منذ بداية الحرب، والتي تشكل نحو 35 ألف شركة، هي شركات صغيرة تضم ما يصل إلى خمسة موظفين وهي الأكثر ضعفاً في الاقتصاد لأن لديها احتياجات تمويلية أكثر إلحاحاً عندما تتأثر عملياتها بشدة، وهي أيضاً الشركات التي تجد صعوبة أكبر في جمع الأموال الأساسية.
وتراجعت بالفعل عمليات جمع الأموال من قبل الشركات الإسرائيلية في بداية عام 2023 حيث عانى الاقتصاد من الركود العالمي وعدم اليقين السياسي المحلي بشأن الإصلاح القضائي المقترح.
وعمليا توقف الاقتصاد منذ بدء الحرب على غزة، وكان آلاف أصحاب الشركات يترنحون في مواجهة الاستدعاء المفاجئ والمستمر لمئات الآلاف من الموظفين للخدمة الاحتياطية الذين انضموا إلى الجيش، ونزح 250 ألف شخص من منازلهم.
وفي استطلاع أجري مؤخرا بين عينة مكونة من 550 شركة ومؤسسة عبر مجموعة متنوعة من القطاعات في الاقتصاد الإسرائيلي، سألت شركة CofaceBDI المديرين عن تأثير الحرب على عملياتهم اليومية.
وعند سؤالهم عن مدى الضرر الذي لحق بعملياتهم بسبب الحرب، أفاد 56% من المشاركين أنهم عانوا من انخفاض في حجم أعمالهم. وعلى سبيل المقارنة، في الاستطلاع السابق الذي أجري في يناير/كانون الثاني 2024، ذكر حوالي 64% أنهم عانوا من انخفاض بسبب الحرب.
وأضاف “أمير” أن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب المستمرة كانت الأكثر تضررا على الشركات العاملة في قطاعات البناء والزراعة والسياحة والضيافة والترفيه.
وهذا يعني أن 85 ألف عامل فلسطيني اختفوا تقريباً من صناعة البناء في (إسرائيل) في حين غادر العديد من العمال الأجانب الذين يعملون في مواقع البناء ما أدى هذا إلى إغلاق العديد من مواقع البناء بالكامل بسبب نقص العمال.
وقال “أمير”، “إن قطاع البناء يعاني من نقص حاد في القوى العاملة مما يتسبب في تأخير كبير في المشاريع وتسليم الشقق. ونحن نشهد تدفق بعض العمال الأجانب الذين عادوا إلى (إسرائيل)، ولكن انخفاض العرض أدى أيضًا إلى زيادة الرواتب وارتفاع تكاليف التوظيف”.
وأضاف “يمكننا جلب عمال أجانب إلى (إسرائيل)، ولكن يجب أن يكونوا محترفين وعلى نطاق أوسع لتوفير راحة حقيقية للقطاع”.
-تأثيرات المقاطعة..
علاوة على ذلك، فإن الخطوة الدراماتيكية التي اتخذتها تركيا في وقت سابق من هذا العام لمقاطعة كل أشكال التجارة مع دولة الاحتلال دفعت مستوردي مواد البناء ــ الألومنيوم والبلاستيك ومنتجات الأسمنت ــ إلى الصناعة المحلية بحثاً عن مصادر توريد بديلة ومنتجات بديلة أكثر تكلفة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل.
قبل هذه الخطوة، كانت الشركات الإسرائيلية تتطلع إلى زيادة الواردات من تركيا، حيث أدت الهجمات التي تشنها جماعة (الحوثي) في اليمن إلى تعطيل التجارة البحرية، مما أدى إلى زيادة تكاليف الشحن وجعل البضائع من الصين والشرق الأقصى أكثر تكلفة بكثير.
وقال أمير “في أعقاب مقاطعة تركيا، هناك أيضًا مخاوف من أن تتبع دول أخرى خطوات مماثلة حيث يبحث المستوردون عن موردين بديلين من دول أخرى. ترتفع تعريفات التأمين، وترتفع التكاليف، وستحتاج الحكومة إلى زيادة الضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة لتمويل الإنفاق الحربي، وهو ما يفرض بدوره عبئًا ثقيلًا على الشركات”.
وأضاف أمير أن تراجع الإنفاق الاستهلاكي، ونقص السياحة، والإخلاء الجماعي من المناطق المتضررة من الحرب في شمال وجنوب (إسرائيل)، أثر على الأعمال التجارية في قطاع التجارة والخدمات، بما في ذلك شركات الترفيه، وكذلك المقاهي والمطاعم”.
وعند سؤاله عن الجهود التي تبذلها الحكومة لتقديم المساعدة الطارئة للشركات المتضررة من الحرب، استشهد أمير باستطلاع أجرته شركة CofaceBDI في يناير/كانون الثاني بين عينة من 600 شركة من مجموعة متنوعة من القطاعات، حيث أجاب 52% من المديرين بأنهم لم يحصلوا على أي مساعدة على الإطلاق، أو أنهم لم يحصلوا على مساعدة مرضية لاحتياجاتهم على الرغم من استيفائهم لمعايير التعويض.
ووفقاً لنتائج الاستطلاع، قال 3% فقط إنهم تلقوا مساعدة مرضية. وتعاني الحكومة الإسرائيلية من ضغوط بسبب الحرب التي من المقرر أن تكلف أكثر من 250 مليار شيكل (67 مليار دولار).
وذكر أمير “في الأمد البعيد، تحتاج الحكومة إلى التصرف بمسؤولية، واتخاذ خطوات لتخفيف العجز المالي، على سبيل المثال من خلال خفض أموال الائتلاف لتحرير الموارد، لكن هذا لا يحدث”.
وأضاف أن “الحكومة بحاجة إلى إرسال إشارة إلى السوق والمستثمرين بأنها قادرة على اتخاذ قرارات صعبة في محاولة لاستعادة الاستقرار”.