السياسي – كشفت “واشنطن بوست” عن تقديم الولايات المتحدة مساعدات أمنية بقيمة 6.5 مليارات دولار إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء العدوان الوحشي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أن ما يقرب من نصف هذا المبلغ تدفق خلال شهر أيار /مايو الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الرقم غير المعلن سابقا كان جزءا من المناقشات التي جرت هذا الأسبوع خلال زيارة وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت إلى الولايات المتحدة.
ونقلت عن مسؤول “كبير” في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قوله إن هذا المبلغ “مؤشر على عمق وتعقيد الدعم الأمريكي لإسرائيل”، مشيرا إلى أن “هذه مهمة ضخمة جدا”.
وأشار المسؤول إلى أن خبراء نقل الأسلحة الأمريكيين استعرضوا “قوائم بمئات العناصر المنفصلة” مع نظرائهم الذين يرافقون غالانت في زيارته التي تستغرق أربعة أيام، وذلك بهدف مواجهة الاتهام الإسرائيلي بأن الأمريكيين وضعوا “اختناقات” في تدفق الأسلحة، بعد تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وعلى الرغم من أن رحلة غالانت كانت مقررة قبل تصريحات نتنياهو، إلا أنها كانت في جزء منها محاولة لتهدئة العلاقات المتوترة بشكل متزايد وإظهار موقف إسرائيلي مختلف تجاه المساعدات الأمريكية، حسب التقرير.
وقال غالانت في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن “علاقاتنا مع الولايات المتحدة هي ثاني أهم عنصر لأمن إسرائيل بعد الجيش الإسرائيلي”، مشيرا إلى “الحاجة إلى الدعم الدبلوماسي والسياسي الأمريكي، وإبراز القوة، وإمدادات الذخيرة وأكثر من ذلك”.
وأضاف مدعيا حدوث “تقدم كبير”، أنه “تم إزالة العقبات ومعالجة الاختناقات من أجل دفع مجموعة متنوعة من القضايا، وبشكل أكثر تحديدا موضوع تعزيز القوة وإمدادات الذخيرة”.
ويبدو أن المسؤول الكبير في الإدارة، الذي أطلع الصحفيين على الزيارة بشرط عدم الكشف عن هويته بموجب القواعد التي وضعها البيت الأبيض، يتراجع عن رفض الإدارة السابق القاطع لاتهام نتنياهو، وفقا للصحيفة.
وقال: “فيما يتعلق بالاختناقات، فهو نظام بيروقراطي معقد لدينا لسبب وجيه. التأكد من أننا نفي بالكامل بجميع التزاماتنا تجاه الكونغرس والقوانين والإجراءات واللوائح”.
لكن المسؤول أقر بأن “هناك قضايا على الجانب الإسرائيلي، فيما يتعلق بالأشياء التي قد يريدونها، والتي ربما لم تكن واضحة تماما”، وأضاف أن الزيارة كانت “بناءة ومثمرة للغاية”، وشكر غالانت على “نهجه المهني”.
ووصفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” مديح البيت الأبيض، وادعاءات غالانت عن “تقدم كبير” في القضايا العالقة بأنها “توبيخ لنتنياهو”.
وبحسب “واشنطن بوست”، فإن إدارة بايدن شعرت بالغضب من قبول نتنياهو للدعوة، التي قدمها المشرعون الجمهوريون لأول مرة، لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس في أواخر تموز/ يوليو.
وسط التدفق المستمر للأسلحة، تواصل الإدارة الأمريكية حجب شحنة من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل، بسبب ما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه قلق من استخدامها في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان.
ورفض مسؤولو الإدارة وغالانت مناقشة تفاصيل مناقشاتهم. وقال غالانت: “أعتقد أن الحلفاء يجب أن يفعلوا كل شيء لحل القضايا في غرف مغلقة. وهذا ما أحاول القيام به”.
خلال زيارته، التقى غالانت بمجموعة كاملة من كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة بايدن، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي، أن اللقاءات “استعرضت الدعم غير المسبوق لإسرائيل منذ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بما في ذلك الدفاع المباشر عن إسرائيل من قبل الجيش الأمريكي وتحالف الشركاء ضد هجوم إيراني في نيسان/ أبريل، وكذلك الاستعدادات لأي حالات طوارئ لاحقة”.
وأضاف أن “ذلك يشمل الجهود الدبلوماسية لتجنب الحرب مع لبنان والتزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل إذا فشلت تلك الجهود”.
وقال المسؤولون إنهم في كل اجتماع ناقشوا أيضا الجهود المتعثرة لإبرام اتفاق تدعمه الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن الإسرائيليين. وعلى الرغم من أن بايدن أعلنها قبل شهر تقريبا كمبادرة إسرائيلية، إلا أن نتنياهو شكك علنا في بعض جوانب الاقتراح.
وناقش غالانت أيضا تحول جيش الاحتلال الإسرائيلي المرتقب إلى ما أسماه “المرحلة الثالثة” في حربه ضد حماس، والانتقال إلى صراع منخفض الحدة لاجتثاث جيوب المقاتلين المتبقية في غزة و”تمكين بديل حاكم… وهذا ليس إسرائيل وليست حماس”.
وأشار التقرير إلى أنه لا تزال هيئة الحكم هذه، التي سيتم فيها تعيين فلسطينيين محليين تم فحصهم لحكم المنطقة بينما تستمر إسرائيل في توفير الأمن، غامضة. وقال غالانت: “إنها عملية طويلة ومعقدة وتعتمد على أشياء كثيرة، بما في ذلك المجتمع الدولي، الذي يجب أن يشارك وليس فقط ينتقد”.
وأوضح التقرير أن الاقتراح الإسرائيلي أقل بكثير من خطة إدارة بايدن، التي ترى تشكيل حكومة مستقبلية في غزة تديرها السلطة الفلسطينية الحالية في الضفة الغربية والانتقال في نهاية المطاف إلى دولتين فلسطينية وإسرائيلية منفصلة.
وشملت المواضيع الأخرى التي تمت مناقشتها مع كبار المسؤولين الأمريكيين إنتاج إيران المتصاعد للوقود النووي المستخدم في صنع الأسلحة، وما أصبح نزاعا سيئا بشكل متزايد بين إسرائيل والأمم المتحدة حول توزيع المساعدات الإنسانية في غزة.
ولفتت الصحيفة إلى أن دولة الاحتلال “وصفت التقييمات الدولية لظروف قريبة من المجاعة داخل القطاع بأنها كاذبة، ولطالما ألقت باللوم على الأمم المتحدة في عدم الكفاءة في توزيع المساعدات على المدنيين، الذين ترك الكثير منهم دون مأوى مناسب وطعام وماء ورعاية طبية”، حسب زعمها.
وتفاقمت هذه المشكلة في جنوب غزة منذ أن شنت إسرائيل الشهر الماضي هجوما عسكريا على رفح، المدينة الواقعة في أقصى الجنوب والتي فر إليها أكثر من مليون شخص بحثا عن مأوى من الهجوم الإسرائيلي في أقصى الشمال. وعلى الرغم من أن الشاحنات المحملة بالمساعدات تدخل غزة عبر معبر من جنوب إسرائيل، إلا أن الأمم المتحدة وموزعين آخرين قالوا إنهم غير قادرين على نقل المساعدات الغذائية داخل القطاع.
ولفتت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن الولايات المتحدة قامت لسنوات عديدة بتقديم مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 3.3 مليارات دولار سنويا. وفي أبريل/ نيسان، وافق الكونغرس على طلب بايدن للحصول على 26 مليار دولار إضافية من المساعدات في زمن الحرب والمساعدات الإنسانية ودعم العمليات الأمريكية في المنطقة.
لكن حتى الآن، ظلت الإدارة مترددة في تحديد المبلغ الإجمالي للمساعدات الأمنية التي عجلت بها لإسرائيل منذ بدء الحرب، وأخبرت الصحفيين فقط أن واشنطن كانت تزود أقرب حليف لها في الشرق الأوسط بالمعدات اللازمة للدفاع عن نفسها، وفقا للصحيفة.
وفي الأسابيع الأولى من العدوان، تم تسريع شحنات الطوارئ إلى “إسرائيل” على متن طائرات عسكرية أمريكية. وفي حالات قليلة في نهاية العام الماضي، استخدمت الإدارة أيضا سلطات الطوارئ لتجاوز الكونغرس من أجل الموافقة على بيع الأسلحة والذخيرة لإسرائيل، وهي خطوة أثارت اعتراضات من بعض المشرعين الديمقراطيين بشأن الارتفاع السريع في عدد الضحايا المدنيين.
وفي شهر أيار/ مايو، اتخذت الإدارة قرارا نادرا بإيقاف شحنة من القنابل زنة 2000 و500 رطل إلى “إسرائيل”، مما يعكس القلق بشأن ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين. وأثار هذا التوقف غضب المانحين الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل، بما في ذلك الملياردير حاييم سابان، ومن الجمهوريين مثل سناتور أركنساس توم كوتون الذي وصفه بأنه “حظر فعلي” للأسلحة على إسرائيل، وفقا للصحيفة.
وفي ذلك الوقت، أكدت الإدارة لأعضاء الكونغرس أن كميات هائلة من المساعدات العسكرية مستمرة في التدفق إلى “إسرائيل”، لكنها رفضت الكشف علنا عن الرقم الإجمالي. وفي مذكرة داخلية بين القيادة الديمقراطية في مجلس النواب وأعضاء عاديين في الكونغرس حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست”، قال القادة الديمقراطيون إن وقف بايدن للقنابل الثقيلة يمثل “أقل من 1 بالمئة من إجمالي الدعم العسكري الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل منذ بداية هذا الصراع”، في مؤشر مبكر على الكم الهائل من المساعدات الأمنية. وقال مسؤولو الإدارة إن الشحنة المحتجزة من القنابل الكبيرة لا تزال قيد المراجعة.