اقتصاد سوريا أمام تركة ثقيلة للأسد

أصبحت سوريا مثالاً مأساوياً لتبعات الحروب الداخلية الممتدة، حيث تعاني من دمار شامل في بنيتها التحتية واقتصادها، خلفها نظام بشار الأسد المخلوع.

ومنذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، تضررت المدن والمرافق الحيوية بشكل كبير، مع تقديرات تشير إلى أن تكلفة إعادة الإعمار قد تصل إلى مئات مليارات الدولارات.

انهيار اقتصادي
قبل اندلاع الحرب في سوريا قبل نحو 13 عاماً، كان الاقتصاد السوري يعيش فترة من استقرار محدود، رغم الفساد المستشري وسوء توزيع الثروة وانتشار الفقر، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي قرابة 60 مليار دولار بمعدل نمو سنوي قدره 5%.

وكان استناد الاقتصاد السوري إلى ثلاثة قطاعات رئيسية: الزراعة (20%)، والصناعة (27%)، والخدمات (53%)، وظلت الليرة السورية مستقرة مقابل الدولار، مع معدل تضخم منخفض يتراوح بين 4% و5%.

 

مراحل النهوض
ويقول الكاتب والمحلل السياسي قحطان الشرقي، إن سوريا خرجت حديثاً من  الحرب المكلفة بشكل كبير على الاقتصاد، مشيراً إلى أنها تتمتع بموارد كبيرة من الثروات الزراعية والصناعية والنفطية والبشرية، والتي سيكون لها دور كبير في نهضة الاقتصاد.

ويوضح لموقع “الخليج أونلاين” القطري أنه “لم تكن يوماً هناك مشكلة في الثروات السورية، بل كانت في إدارتها، حيث ستكون هناك نتائج إيجابية عند وجود إدارة رشيدة تستثمر الموارد بالشكل الصحيح”.

ويعتقد الشرقي أن “الاقتصاد السوري سيهتم في المرحلة المقبلة بإعادة الإعمار، وهذا ما أقر به مؤتمرات بروكسل، إذ ستكون العديد من دول الاتحاد الأوروبي والدول المعنية العربية وغيرها على أهبة الاستعداد لإعادة إعمار سوريا”.

وحول تكلفة إعادة الإعمار، يشير إلى دراسات سابقة قدرت أن تصل التكلفة إلى مئات المليارات من الدولار، لكنها لا تشمل كل مناحي الحياة، بل تقتصر على التكلفة المبدئية لإعمار المدن والبنية التحتية المدمرة والمتهالكة.

إعادة الإعمار
خلفت الحرب في سوريا دماراً هائلاً شمل البنية التحتية في مختلف أنحاء البلاد، حيث طالت المدن الكبرى والمناطق الريفية على حد سواء.

تعرضت المباني السكنية والتجارية، إضافة إلى المرافق الصحية والتعليمية، وشبكات المياه والكهرباء، لأضرار جسيمة، وهو ما أسفر عن تحديات كبرى تعرقل عودة الحياة الطبيعية إلى المناطق المتضررة.

وتعهد رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، الأربعاء 11 ديسمبر، بالعمل على إعادة بناء البلاد وتحسين الخدمات وإرجاع النازحين؛ لكنه أشار إلى وجود صعوبات مالية كبيرة.

وكشف البشير، في حديثه لصحيفة “إيل كورييري ديلا سيرا” الإيطالية، أن خزينة الدولة ليس فيها سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأمريكي الواحد شراء 35,000 ليرة سورية”.

تتطلب إعادة إعمار البلاد استثمارات مالية وجهوداً ضخمة، فيما تختلف التقديرات بشأن التكلفة اللازمة لذلك؛ ومع ذلك، يتفق الجميع على الحاجة إلى خطة شاملة تراعي التحديات الأمنية، الاقتصادية، والاجتماعية.

وتشير تقديرات الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد لدى جامعة قطر، الدكتور جلال قناص، خلال حديثه مع “العربية.نت”، إلى أن التكاليف الأولية لإعادة الإعمار تتراوح بين 200 و300 مليار دولار، وقد تتجاوز هذا الرقم في ظل الظروف الحالية.

كما أشار إلى أن المدة الزمنية المطلوبة لإتمام عملية إعادة البناء تعتمد بشكل كبير على استعادة الأمن، وتعزيز الاقتصاد، وعودة الكفاءات والأيدي العاملة التي غادرت البلاد.

وأفاد تقرير للبنك الدولي صدر في 2023 لتقييم الأضرار في سوريا بأن إجمالي الخسائر الناجمة عن النزاع حتى يناير 2022 تراوح بين 8.7 و11.4 مليار دولار.

وشملت هذه التقديرات أضراراً في البنية التحتية الأساسية، والقطاعات الاجتماعية، والمؤسسات العامة، والبيئة.

وكانت القطاعات المتعلقة بالبنية التحتية المادية الأكثر تضرراً، حيث شكّلت نحو 68% من إجمالي الأضرار، أي ما يعادل ما بين 5.8 و7.8 مليارات دولار.

ورغم هذه التقديرات، لا تزال هناك صعوبة في تحديد تكلفة دقيقة لإعادة الإعمار، إذ يتطلب ذلك دراسات تفصيلية وشاملة للواقع على الأرض.

وفي عام 2018، أشار مسؤول أممي إلى أن سوريا قد تحتاج إلى 300 مليار دولار لإعادة الإعمار.

شاهد أيضاً