السياسي –
أكد مستثمرون أن الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية قد يؤدي إلى رد فعل فوري في الأسواق العالمية، عند إعادة فتحها، فترتفع أسعار النفط، ويندفع المستثمرون إلى الملاذ الآمن، عند تقييم تداعيات أحدث تصعيد في الصراع على الاقتصاد العالمي.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الهجوم عبر “تروث سوشيال”، لتزيد الضربات تورط الولايات المتحدة في صراع الشرق الأوسط.
وكان التدخل الأمريكي احتمالاً وضعه المستثمرون في الحسبان عند تقييم مجموعة من السيناريوهات المختلفة المحتملة في الأسواق.
وفي أعقاب الهجوم مباشرة، توقع المستثمرون أن يحفز التدخل الأمريكي بيع الأسهم وربما إقبالًا على الدولار والملاذات الآمنة الأخرى عند بداية التداول، لكنهم قالوا أيضاً إن مسار الصراع لا يزال يكتنفه الكثير من الغموض.
ووصف ترامب الهجوم بـ “نجاح عسكري مذهل” في كلمة بثها التلفزيون، وقال إن “المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم دُمرت بشكل كامل وكلي”، محذراً من قصف الجيش الأمريكي لأهداف أخرى في إيران إذا لم توافق على السلام.
وقال مارك سبيندل كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بوتوماك ريفر كابيتال: “أعتقد أن الأسواق ستشعر بالقلق في البداية، وأن النفط سيبدأ التداول على ارتفاع”. وأضاف “ليس لدينا أي تقييم للأضرار وسيستغرق ذلك بعض الوقت. ورغم أنه قال إن الأمر انتهى، فإننا مرتبطون به. ما الذي سيحدث بعد ذلك؟”.
ويعتقد سيبندل أن “الغموض سيخيم على الأسواق حيث سيتأثر الأمريكيون في كل مكان الآن. سيزيد ذلك الضبابية والتقلبات، لا سيما في قطاع النفط”. ومع ذلك، قال سبيندل إن هناك وقتاً لاستيعاب التطورات قبل فتح الأسواق.
Investors brace for oil price spike, rush to havens after US bombs Iran nuclear sites – https://t.co/hlijG0I6XY
— Reuters Iran (@ReutersIran) June 22, 2025
أسعار النفط والتضخم
سيتمحور القلق الرئيسي للأسواق حول التأثير المحتمل لتطورات الشرق الأوسط على أسعار النفط وبالتالي على التضخم. وقد يضعف ارتفاع التضخم ثقة المستهلكين، ويقلل فرصة خفض أسعار الفائدة على المدى القريب.
وقال جاك أبلين كبير مسؤولي الاستثمار لدى كريسيت كابيتال: “يضيف هذا الأمر مستوى جديداً معقداً من المخاطر التي سيتعين علينا أخذها في الاعتبار والانتباه إليها. سيكون للأمر بالتأكيد تأثير على أسعار الطاقة وربما على التضخم أيضاً”.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بما يصل إلى 18 % منذ 10 يونيو (حزيران) لتبلغ أعلى مستوى في 5 أشهر تقريباً عند 79.04 دولاراً يوم الخميس، إلا أن المؤشر ستاندرد اند بورز 500 لم يشهد تغيراً يذكر بعد انخفاضه في بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو (حزيران).
وقبل الهجوم الأمريكي على إيران، وضع محللون في أوكسفورد إيكونوميكس،3 سيناريوهات تتراوح بين خفض التصعيد في الصراع، والتعليق الكامل للإنتاج الإيراني، وإغلاق مضيق هرمز، وقالت المؤسسة في مذكرة إن “لكل منها تأثيرات كبيرة متزايدة على أسعار النفط العالمية”.
وأضافت أنه في أسوأ الحالات، ستقفز أسعار النفط العالمية إلى نحو 130 دولاراً للبرميل لتدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 6 % بحلول نهاية هذا العام.
وقالت أوكسفورد إيكونوميكس في المذكرة قبل الضربات الأمريكية “رغم أن صدمة الأسعار ستؤدي حتماً إلى إضعاف الإنفاق الاستهلاكي، بسبب تضرر الدخل الحقيقي، فإن أي فرصة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية هذا العام ستدمر بسبب مدى زيادة التضخم، والمخاوف من تداعيات لاحقة من التضخم”.
وفي تعليقاته بعد إعلان التدخل الأمريكي، رجح جيمي كوكس الشريك الإداري في مجموعة هاريس المالية أيضاً صعود أسعار النفط، بسبب الأنباء الأولية. لكن كوكس توقع استقرار الأسعار على الأرجح في غضون أيام قليلة لأن الهجمات قد تدفع إيران إلى إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل، والولايات المتحدة.
وقال كوكس: “مع هذا الاستعراض للقوة والإبادة الكاملة لقدراتهم النووية، فقد الإيرانيون كل نفوذهم ومن المحتمل أن يستسلموا ويوافقوا على اتفاق للسلام”.
ويؤكد الاقتصاديون أن ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط، قد يضر بالاقتصاد العالمي، الذي يعاني بالفعل من ضغوط بسبب رسوم ترامب الجمركية.
#Investors brace for #oil price spike, rush to havens after #US bombs #Iran #nuclear sites https://t.co/VkBnoAfM5T
— The Daily Star (@dailystarnews) June 22, 2025
ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن أي تراجع في الأسهم قد يكون عابراً. فخلال الأحداث البارزة السابقة التي أدت إلى أوضاع ملتهبة في الشرق الأوسط، مثل غزو العراق في 2003 والهجمات على منشآت النفط السعودية في 2019، تراجعت الأسهم في البداية لكنها سرعان ما تعافت لترتفع في الأشهر التالية.
وأظهرت بيانات ويدبوش سيكوريتيز، وكاب آي.كيو برو، أن المؤشر ستاندرد اند بورز 500 تراجع في المتوسط 0.3 % في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت بداية صراع، لكنه عاود الصعود 2.3 % في المتوسط بعد شهرين من اندلاعه.
محنة الدولار
يمكن أن تكون للتصعيد آثار متباينة على الدولار، الذي تراجع هذا العام وسط مخاوف من تضاؤل التفوق الأمريكي.
وقال محللون إن انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد يفيد الدولار في البداية بفضل الطلب على الملاذ الآمن. وقال ستيف سوسنيك كبير محللي السوق في آي.بي.كيه.آر في غرينتش بولاية كونيتيكت: “هل نشهد توجها نحو الملاذ الآمن؟ هذا سيعني انخفاض عوائد السندات وارتفاع الدولار”.
وأضاف “من الصعب تصور عدم تأثر الأسهم سلباً، والسؤال هو إلى أي مدى؟ سيعتمد الأمر على رد الفعل الإيراني وإذا كانت أسعار النفط سترتفع”.